المقارنة بين مفهوم الطفل في الشريعة الإسلامية والقوانين الوضعية

 

ملخص البحث عن المقارنة بين مفهوم الطفل في الشريعة الإسلامية والقوانين الوضعية

 By: Dr. Issah Abeebllahi Obalowu & Yusuf Basirat Bolanle


أظهر البحث اتفاق علماء المسلمين على أن الاحتلام هو آخر عهد الطفولة ويحصل به البلوغ قطعا في الرجال، كما يحصل البلوغ قطعا بالحيض في النساء، وبذلك يصبح الغلام مكلّفا وتصبح الجارية مكلّفة بجميع العبادات، وبه يلزم الحدود وسائر الأحكام. وفي اعتبار بلوغ من جاوز خمس عشرة سنة ولم يحتلم، ذهب بعض العلماء إلى تحديد بلوغه بخمس عشرة سنة؛ فإذا بلغ الصبي أو بلغت الجارية خمس عشرة سنة ولم يحتلم فإن حكمه حكم المكلّف في وجوب العبادات وإقامة الحدود وغيرها من الأمور، بينما لم يحدد مالك بلوغ من لا يحتلم بخمس عشرة سنة، وإنما قال إذا بلغ الغلام من السن ما لا يتجاوزه مثله إلاّ احتلم فحكمه حكم الرجال، ولم يجعل الخمس عشرة سنة حداً في ذلك. ويُرجع الأمر إلى العادة في هذا الرأي. وذهب أبو حنيفة وغيره إلى أن حد البلوغ في استكمال ثماني عشرة سنة لمن لم يحتلم من الرجال وسبع عشرة سنة لمن لم تحض من الجارية، ورُوي عن أكثر الماليكة سبع عشرة أو ثمان عشرة سنة فيهما. واعتبر كثير من العلماء الإنبات في بلوغ الغلام الذي جاوز سن البلوغ ولم يحتلم والمرأة التي لم تحض، فيُحكم حينئذ ببلوغهما، ولكن لا يقيم الحد به مالك لشبهته، واختلف قول الشافعي في المسلم مع اعتباره في الكافر. وبناءً على أقوال العلماء، يمكن اعتبار الإنبات في تحديد البلوغ إذا ضاق السبيل إلى تحديده إلى من خلال ذلك، والأحوط أن لا يقام به الحد لشبهته كما ذهب إليه مالك. وقد ورد في أقلّ سن الاحتلام اثنتا عشرة سنة، وفي أقلّ وقت الحيض تسع عشرة سنة.

ظهر من مجموعة التعريفات الواردة عن مفهوم الطفل في مختلف المواثيق الدولية عن المنظمات المختلفة أن جميعها اتفقت على أن الطفل هو كل إنسان لم يتجاوز الثامنة عشر من العمر، إلا إذا كان قد بلغ سن الرشد قبل ذلك بموجب القانون المنطبق على الطفل. وبلوغ سن الرشد بموجب القانون المنطبق على الأطفال يتنوّع من بلد إلى بلد آخر ومن ثقافة إلى ثقافة أخرى ومن دين إلى دين آخر. أغلب دول العالم تحدد سن ال18 كسن الشخص الراشد، في حين توجد دول أخرى تحددها بسن 15 و16 و17، ودول أخرى تصل إلى 19 و20 و21 سنة. كذلك، نصّ قانون حقوق الطفل الذي هو القانون الأساسي الذي يحكم جميع الأمور المتعلقة بحقوق ورفاهية الأطفال في نيجيريا على أن الطفل هو من لم يتجاوز الثامنة عشر من العمر.

ويرى هذا البحث أن مقارنة سن الرشد أو نهاية مرحلة الطفولة كما ورد في المواثيق الدولية والقانون النيجيري بمفهوم البلوغ في الإسلام يتناقض مع المبادئ الإسلامي، حيث أن سن الرشد يُدرك غالبا قبل الثامنة عشر من العمر. وإذا تمّ اعتبار الثامنة عشر كحد فاصل بين الطفولة وسن الرشد ضاع كثير من التكاليف الدينية، إذ يصبح الطفل مُكلفا بأداء جميع العبادات ومسئولا عن كل التقصيرات من حين بلوغه، والذي يحصل غالبا قبل سن الثامنة عشر. فلذا، يجب اعتبار البلوغ الذي حدّده الشارع، خاصة في وجوب التكليف. ولكن، إذا اعتبرنا تحديد استحقاق الطفل لممارسات بعض الحقوق الاجتماعية بـ 18 عاما فلا إشكال في ذلك في نظر الإسلام ما دامت فيه المصلحة. وفيما يتعلق بالزواج المبكر لابد أن يراعى فيه مصلحة البنت. 

أهم نتائج البحث:

يمكن تلخيص أهم نتائج البحث في الآتي:

1.   أجماع علماء المسلمين على أن الحد الفاصل بين مرحلة الطفولة والبلوغ هو الاحتلام في الغلام والحيض في النساء، وبذلك يصبح الطفل مكلفا ومخاطبا بجميع شرائع الإسلام.

2.   اختلاف العلماء في تحديد سن بلوغ من تجاوز السن المعتاد للبلوغ ولم يحتلام من الغلمان أو من لم تبلغ بالحيض من النساء، ذهب بعضهم إلى تحديد خمس عشرة سنة بينما ذهب غيرهم إلى ما بين سبع عشرة وثمان عشرة سنة. وكذلك اعتبر بعض العلماء إنبات شعر العانة كعلامة البلوغ.

3.   ورد في أقل سن الذي يمكن أن يحتلم فيه الغلام أنه اثنتا عشرة سنة، كما ورد في أقل السن الذي يمكن أن تحيض فيه البنت بأنه تسع عشرة سنة.

4.   ميز الشارع بين الطفل الذي لم يبلغ الحلم بعد ولكنه مميز ويعقل معنى عورات النساء وبين الطفل غير مميز ولا يفهم عورات النساء، فطريقة التعامل مع الصنف الأول مختلفة عن طريقة التعامل مع الصنف الثاني، خاصة فيما يخص دخولهم على النساء.

5.   الحد الفاصل بين مرحلتي الطفولة والبلوغ أو الرشد في جميع القوانين الوضعية هو بلوغ الثامنة عشر من العمر إلا في بعض الحلات الاستثنائية.

6.   اتفق جميع المواثيق الدولية عن المنظمات المختلفة والقانون النيجيري على أن الطفل هو كل إنسان لم يتجاوز الثامنة عشر من العمر. وقد قابلتْ بعضُ المحافظات ذات الأغلبية المسلمة في شمال نيجيريا هذا القانونَ بالرد بدعوى معارضته لمعتقداتهم الدينية وممارساتهم الثقافية.

7.   سن البلوغ المعتبر في الإسلام ليس هو سن البلوع والرشد المنصوص عليه في القوانين الوضعية، فيجب عدم الاغترار بما هو المقرر في هذه القوانين مما يخالف شرع الله، لأن الاغترار به يؤدي حتما إلى إضاعة وإهمال كثير من التكاليف الدينية التي أوجبها الشارع على من بلغ سن الرشد والبلوغ المعتبر به شرعا. ولا مانع من اعتبار سن البلوغ والرشد المحدد في هذه المواثيق والقوانين الوضعية في استحقاق الأطفال لممراسات بعض الحقوق الاجتماعية ما دام في ذلك مصلحتهم ومصلحة المجتمع.[1]




[1]  ينظر: مفهوم الطفل في الشريعة الإسلامية والمواثيق الدولية والقانون النيجيري: دراسة مقارنة، https://journals.iium.edu.my/al-fiqh/index.php/al-fiqh/article/view/262

Post a Comment

0 Comments